٢٠٠٤/٠٦/٢٩

 

حكم الطليعة الثورية



وهذا يعني من الناحية العملية استلام السلطة من قبل فـئة عقائدية . وعادةً ماتكون الوثبة الى السلطة بالانقلاب المسلح (أي بالقوة) وتفرض هذه الفئة ، التي تعتقد بصلاحية منظورها هي فقط للمجتمع ومستقبله ، وصايتها على المجتمع . وفي بعض الاحيان تعتمد هذه الفئات العملية الديمقراطية ضمن التنظيم الخاص بها.

ان هذه الفئات تكون دائماً منظمة تحت هيكل من المفاهيم النظرية او العقائدية الني تشكل منظوراً معيناً للمجتمع ، وغالباً ماتحارب الفئات ذات المفاهيم العقائدية الاخرى . وان لم تحاربها فانها لاتمنحها فرصة للعمل او التأثير في السلطة .

ان اعتماد الديمقراطية ضمن حدود التنظيم الخاص لهذه الفئات هو حالة مصطنعة وغير مستقرة لأن هناك تناقضاً اساسياً مع الديمقراطية وهو ان " الشرعية الثورية " تمنح الشرعية بالقوة لهذه الفئة لتوجيه المجتمع ضاربةً الديمقراطية عرض الحائط وبالتالي فان هذا التناقض يؤدي بالنتيجة الى الانقضاض على الديمقراطية حتى ضمن تنظيم هذه الفئة .

وهناك أمثلة كثيرة في التأريخ الحديث لهذا النوع من الأنظمة مثل النظام الشيوعي في الاتحاد السوفييتي ودول اوربا الشرقية والصين والنظم البعثية في سوريا والعراق . وجميعها انتهت الى فرض الدكتاتورية الفردية حتى على التنظيمات الثورية التي استندت عليها لاستلام السلطة .
وتشترك هذه النظم ايضاً في محاولة فرض العقيدة على الجيش واستعماله كأداة في الحفاظ على السلطة تحت اسم "الجيش العقائدي" .

كما ان هذه النظم لم تكن متميزة في الكفاءة في ادارة سياسة البلدان الخاضعة لها او في توجيه اقتصادها . ولم نر في أي من هذه الانظمة ماخلا من فرض الهيمنة على الناس وتضحية حرياتهم الشخصية وقراراتهم واستقرارهم على مذبح العقيدة . ولم يحدث في هذه الانظمة انتقال للسلطة بتنظيم وبغير اضطراب وبدون استعمال القوة الا ما ندر .

ان الانسان لم يجد بعد الحل المثالي لبناء مجتمعاته ومفاهيمه وان النظريات الاقتصادية لم تصل بعد الى درجة من الكفاية لتنظيم المجتمعات بصورة شمولية . وهذا النوع من النظم ، باعتماده على "وصفة" جاهزة للمجتمع المثالي ، سرعان ما يصطدم بالواقع المعقد للحياة . الامر الذي يؤدي الى التقوقع والتخوف من الفشل واعتماد التصحيحات المرتجلة لإخفاء العيوب والنقوصات وفرض منع الانتقاد لإسكات المعارضة . وان سلسلة ماركس – لينين – ستالين لتبين ذلك بوضوح .

ان الفئات العقائدية لايمكن ان تتهاون او تتعاون مع غيرها الا على مضض .




Comments: إرسال تعليق

<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?