٢٠٠٤/٠٦/٢٨

 

مقترح مشروع للحكم المحلي في العراق



مقدمـة ـ المنطـلقات

• ان السلطات المطلقة لابد وأن يساء استخدامها مهما كانت النيات حسنة .
• أن المركزية المفرطة لابد في النتيجة ان تشمل جميع نواحي الحياة في تفاصيلها .
• أن قوة أي نظام سياسي تعتمد بدرجة كبيرة على القدرة على النقد والاصلاح الذاتي .
• أن اهل مكة ادرى بشعابها .
• أن نشر السلطة يمنع سلبها بسهولة .

ان المركزية المفرطة ربما كانت مفيدة لإنجاز المشاريع الكبرى ولكنها اثبتت مراراً انها رديئة جداً فيما يتعلق بالحياة الاعتيادية والتفصيلية للسكان ومتطلبات معيشتهم وصحتهم وراحتهم والخدمات المقدمة اليهم . ولقد اثبت التأريخ المعاصر فشل التخطيط المركزي التفصيلي للحياة وللتنمية ، ودراسة النظم السياسية للاتحاد السوفييتي ودول اوربا الشرقية والصين والعراق مثلاً تبين ذلك بوضوح .
كما ان الاجهزة الادارية المركزية قد ثبت ضعف كفاءتها فيما يتعلق بالامور التفصيلية سواء أكان في النظم الاشتراكية او الشيوعية او في النظم المختلطة او الرأسمالية . أن تقليص الجهاز الاداري هو من طموحات جميع الدول على اختلاف مذاهبها .
ومن البديهي ان هناك عادةً اراء مختلفة لمختلف البشر حول الكثير من الامور وأن الشرعية الثورية او دكتاتورية فـئة من المظلومين او من الطلائعيين الذين يعلمون وحدهم ما هو مفيد لكل المجتمع هي وهم .
وأن توزيع اتخاذ القرار على مستويات عديدة حسب حجم ونوعية تلك القرارات يمنع الانحراف والتدخل المغرض والتخريب .
وأن القرارات التي تتخذ في محيط مفتوح وعلني لابد وأن تكون افضل من تلك التي تتخذ وراء ابواب من السرية تمنع الاطلاع والانتقاد والتصحيح الهادئ . وأن التغييرات الاقتصادية والاجتماعية التى تجرى بهدوء بعد مناقشة واقتناع لابد وأن تكون أفضل للمجتمع من الغوغائية والاعتباطية .
وأن تعود الناس على تقرير مصائرهم والامور التي تهمهم لابد وأن تقلل من الاثر السلبي للاأبالية الناجمة عن الشعور بالضعف واليأس .
لقد تم خلال العقود الخمسة الماضية إهمال اجزاء مهمة من العراق من تيار التنمية الاقتصادية والثقافية وأن الخطر الرئيسي الذي يهدد امن العراق ووحدته في المستقبل المنظور هو التكتلات العرقية والطائفية التي يمكن ، بسبب الشعور بالغبن وبسبب طبيعة التعصب ، ان تؤدي الى حرب داخلية يخسر فيها الجميع .
ولكن اذا تمت المشاركة في مصادر وثروات البلد بعدل وانصاف وتم تمثيل وتلبية الحاجات الاساسية للناس محلياً ، ربما يكون الداعي للانشقاق اقل . ان تلك الحاجات الاساسية كثيرة ومتشعبة ولكن ربما يكون من الافضل حصر النقاش في هذا المبحث في القضايا المادية الاساسية الملحة التي تمثل الحد الادنى للحياة المتحضرة مثل التعليم والصحة وسيادة القانون والقضاء العادل وتوفير الماء الصالح للشرب والهواتف والتيار الكهربائي (!) وغيرها . وهي امور على اهميتها وبساطتها قد تم حرمان اجزاء كبيرة من العراق من التمتع بها رغم الدخل العالي للبلاد .
ان الثروة النفطية هي ايراد رئيسي ونعمة لهذا البلد تم هدر الكثير منه في الحروب وفي المشاريع المرتجلة وفي التوزيع الكيفي . ولكن لايزال هناك امل في استغلال الباقي منه في تطوير العراق من قبل ابنائه . ان الدول ذات الانظمة المركزية ، ولانها تملك السلطة و"مفاتيح الخزينة" ، هي التي تقرر ماذا يصرف محلياً وكيف . واما الدول ذات الانظمة اللامركزية فتترك ادارات الحكم المحلي لتمويل ذاتها عادةً بفرض الضرائب على الافراد . ولكن العراق في وضع محظوظ لأن اكثر ايراد البلد من تحت ارض العراق وهذه الثروة هي ملك لسكان العراق . ويفترض ان تؤول فوائدها اليهم مباشرة بطرق يقدرون هم تفاصيلها عن طريق ممثليهم .
ومن الحكمة ان تؤخذ الامور خطوةً بخطوة ، لاشراك الجميع اولاً بثروة هذا البلد لضمان حد ادنى من ايراد البلاد للجميع ولتحاشي ان يسيطر البعض على حياة الآخرين اليومية ومستوى معيشتهم.
ومن الحكمة ايضاً تحاشي التغييرات الهيكلية الكبيرة والمفاجئة لانها ، اذا كانت سريعة ، فلابد ان تؤثر سلباً على المجتمع عندما تظهر عيوبها بعد فوات الاوان .




Comments: إرسال تعليق

<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?